الجامع الكبير بالمنستير
يوجد الجامع الكبير في الطرف الشرقي لحومة البلد (النواة الأولى لمدينة المنستير) قبلي قصر الرباط على بعد حوالي 10 م. يمتد المعلم على مساحة مستطيلة الشكل بين القبلة والجوف غير متقايسة الأضلاع.
يتكوّن الجامع من بيت صلاة هي نتاج لعدّة إضافات متتالية يعلو رُكنها الشمالي الغربي مئذنة مدمجة ببيت الصلاة ، بالإضافة إلى مجموعة من الغرف تمتدّ في مستوى الجناح الغربي ورواق مسقوف يمتد جوفي المعلم واجهته بأيكة معقودة ، ويمتدّ شرقي المعلم صحن مستطيل الشكل بقسمه القبلي بناء تحت أرضي.
يعود تأسيس النواة الأولى للمعلم إلى الفترة الأغلبية حسب بعض الدراسات الأثرية غير أنّه
عرف إضافات هيكلية و توسيعات متتالية أبرزها خلال الفترة الزيرية كما تؤكد ذلك نقيشة المحراب بنصّها الإبتهالي المكتوب بخط كوفي بارز والمؤرخة بالقرن 5 هـ / 11 م على أقصى تقدير ، وآخر هته التوسيعات الهيكلية كانت خلال الفترة الحسينيّة والمؤرخة بالقرن 18 م حسب بعض الإشارات المصدرية.
رباط المنستير
ينتمي رباط المنستير لسلسلة من الحصون شيدت على طول ساحل بلاد المغرب الممتد من الإسكندرية إلى طنجة . وتعود فكرة تحصين السواحل إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد (القرن 8 م) الذي امر ببناء عدة قلاع تحسبا من الخطر البيزنطي الكامن بالحوض الشمالي للبحر المتوسط ، ومن مآثر هذه الحقبة رباط المنستير. وهو واحد من أقدم الرباطات بالبلاد التونسية. وتفيد نقيشة عثر عليها بالمعلم، عند الترميم ، وكذلك المصادر الأدبية أن هذا الرباط بناه الوالي هرثمة بن أعين سنة 797 م (180 هـ). ووضعت بشأن الرباط منذ القرون الأولى من انشائه أحاديث تنسب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم تحث على اهمية المرابطة بالمنستير باعتبارها بابا من أبواب بالجنة. غير أن المصادر التي وصلتنا لا تسمح بالتعرف على وقائع النشاط العسكري إذ لم تعن الأخبار المتعلقة بالأحداث الحربية ما عنيت بالاهتمام بالفقهاء. ورغم نقص الشواهد النصية فمن الممكن الاستدلال عن الدور العسكري للمعلم من خلال بعض الملامح ، من ذلك الموقع الإستراتيجي وبعض العناصر المعمارية كالبناء الشاق المشيد بالحجارة وبرج المراقبة المشرف على البحر والبوابة المجهزة بمرام للسهام و بالساقطات.
ولا شك أن شهرة وأهمية الرباط جعلت الترميمات تتوالى وتتكرر. ورغم التغييرات العديدة فإنه لا يزال بالإمكان إدراك التصميم الأصلي للحصن الذي يعود إلى عهد هرثمة. لقد كان الرابط مربع الشكل طول الضلع الواحد يقارب الثلاثين مترا ، وقد دعم السور الخارجي للبناء بأبراج دائرية في الزوايا ، وأقيم في الركن الجنوبي الغربي برج للمراقبة هو الآن في حالة جيدة. ومن جملة العناصر المتبقية من رباط هرثمة يمكن أن نشير إلى مجموعة الغرف التي تمثل الطابق السفلي للمتحف وبيت الصلاة التي تعلو هذه الغرف.
وفي القرن العاشر تمت إضافة رباط للنساء يحتوي على طابق سفلي وعلوي فطمست الواجهة الأصلية وأصبح دخول الرباط يتم من السقيفة التي يمكن مشاهدتها اليوم من امام الجامع الكبير. ومن المحتمل أيضا أن يكون المدخل تذكّر بطراز القرن الحادي عشر. خلال القرن الخامس عشر ميلادي أدخلت إصلاحات على المدخل المعكوف الذي تم بناؤه من جديد. وتشهد على ذلك نقيشة مثبتة على ساكف الباب خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تم إدماج الرباط القديم (رباط القرن الثامن ورباط القرن العاشر) في بناء أوسع أكثر توافقا مع الأسلحة النارية وبصفة خاصة المدافع ويتميز هذا الجزء بمنصّات المدافع التي يمكن مشاهدتها من الجهتين الشمالية والشرقية.
منذ القرن العاشر تقلص الدور العسكري للرباط وتحول إلى مركز ديني يقطنه المتعبدون و التقاة الذين يعتمدون في عيشهم على موارد أراضي الحمى المخصصة للمعلم. كما يعولون على الأموال المرصودة لهم والمتأتية من الأوقاف والعطايا والصدقات. ولقد دفعت أهمية رباط المنستير الحكام إلى بناء رباطات أخرى. وهكذا قام امير أغلبي يدعى دؤيد في سنة 245 هجري ببناء زاوية محضنة تعرف الآن بسيدي ذويب تبعد بضعة أمتار عن رباط هرثمة. وقام الناسك ابن الجعد كطلك ببناء رباط آخر في الجزيرة المعروفة بسيدي الغدامسي. وحوالي سنة ألف ميلادي أتم بنو زيري سلسلة الرباطات ببناء رباط السيدة الذي ما تزال آثاره قائمة أمام الجامع الكبير. ويختلف هذا الأخير الذي بني في مرحلة متأخرة عن نموذج التصميم الأغلبي ويبدو أكثر تعقيدا.
رباط سيدي ذويب
يوجد رباط سيدي ذويب في وسط النسيج الحضري لمدينة المنستير في مستوى حومة البلد سابقا جنوب غربي قصر الرباط ، يمتدّ المعلم على مساحة مستطيلة الشكل بين القبلة والجوف (45 x 40 م)، بأركانه الأربعة أبراج دائرية الشكل وبمحور كلّ من الضلع الجوفي والغربي برج نصف دائري وبمحور الضلع القبلي برج يحوي حنية محراب مسجد الرباط. واجهة المعلم الرئيسية شرقية المفتح بمحورها مدخل بارز يأخذ شكلا مستطيلا يفضي إلى صحن مكشوف يمتدّ على كامل ضلعه القبلي مسجد وعلى باقي الأضلاع غُرف غير متقايسة الأضلاع وغير متوازنة الانتظام.
يُنسب الرباط إلى أحد الأمراء الأغالبة وهو "دؤيد بن إبراهيم" الآمر بالبناء كما تؤكد ذلك نقيشة المسجد المؤرخة بسنة 240 هـ/ 854-855 م، وقد مثّل المعلم على غرار باقي رباطات المنستير مكانا لمرابطة العديد من الشخصيات البارزة خلال القرن 4 هـ/ 10 م، مثل محمود السبائي وأبو جعفر الأطرابلسي. وقد استعمل المعلم في فترة لاحقة كزاوية ثم كمدرسة في عهد حمودة باشا حيث نقل إليه طلبة قصر الرباط الذي وقع تحويله إلى معقل حربي.
زاوية سيدي المازري
تقع زاوية سيدي المازري بالقسم الجنوبي الغربي للمقبرة البحرية وهي تمتّد على مساحة مستطيل بين القبلة و الجوف ، واجهتها الرئيسية قبلية المفتح. يُنسب المعلم إلى الامام أبي عبد الله محمّد بن علي بن عمر التميمي المازري ، وهو أصيل منطقة "مازرة" بصقلية. عاش بالمهدية ، وهو على درجة عالية من العلم والاجتهاد وتوّفي بها في ربيع الأوّل من سنّة 536 هـ /1141 م. دفن في مرحلة أولى بالمنستير بالمقبرة البحرية غير بعيد عن شاطئ البحر الصخري ، ونظرا للمدّ البحري الذي عرفه الشاطئ تمّ نقل قبره سنة 1176 هـ / 1765 م إلى موضعه الحالي بنفس المقبرة.
وفي هذا الإطار تمّ تشييد الزّاوية سنة 1176 هـ / 1765 م حيث كانت تحتوي في البداية على صحنين ومدخل معقود قبلي المفتح ، تحف به شواهد قبور لنقائش جنائزية ، ليفضي إلى سقيفة تحف بها عدّة غرف. وتجدر الاشارة إلى أنّ المعلم وقعت به عمليات إصلاح شاملة وذلك سنة 1967 م أي بعد حوالي مائتا عام من إنشائه غيّرت من شكله الأصلي باستثناء قاعة الضريح والغرفتين الجانبتين اللّتين تحفّان بها.
مسجد رباط السيّدة
يوجد المسجد شرقي مدينة المنستير وهو يُكوّن القسم الوحيد الذي لا يزال قائما بشكله الأصلي من كامل الرباط ، يحتل المعلم محور الضلع القبلي لرباط السيّدة.
يمتدّ المعلم على مساحة مستطيلة الشكل بين الشرق والغرب (9.50 x 6.80 م) بمحور واجهته الجوفيّة مدخل يفضي إلى قاعة ذات بلاطتين عرضيتين وثلاث بلاطات طولية. ويُنسب المعلم إلى السيّدة أم ملال عمّة المعزّ لدين الله والتي توفيت في مطلع القرن 5 هـ / 11 م ممّا يُحيل أن المعلم قد شُيّد خلال الفترة الزيرية وهو ما تدعمه الشواهد الأثرية.
ويقدم المحراب بزخارفه النباتيّة والهندسيّة نموذجا لمحاريب الفترة الزيرية بالإضافة إلى أن نقيشة المحراب المكتوبة بالخطّ الكوفي المُورّق تدعمُ تاريخ المسجد بهته الفترة.