تمـــرّ هذه الأيّام 72 سنة على اندلاع الشرارة الأولى للكفاح المسلّح الوطني للتحرّر نهائيا من الاستعمار الفرنسي، التي تمّ الإعلان عنها رسميا يوم 18 جانفي 1952، ووفاء لأرواح شهداء الوطن والمعركة التحريرية ، استقبــــل السيد المنذر بن سيك علي والــي المنستير صباح اليوم الاثنين 08 جانفي 2024 بمكتبه السيد الهادي بوزقندة أحد مناضلي مدينة المنستير الذي تقلّد عديد المسؤوليات بالدولة الى جانب الدور الذي لعبه صلب الحزب الحر الدستوري الجديد مع الزعيم الحبيب بورقيبة .
وقد كان اللقاء مناسبة أَطلَع فيها المناضل الهادي بوزقندة السيد الوالي على أهمّ الأحداث التي واكبها في تاريخ العمل الوطني صحبة مجموعة من المناضلين ممّن عايشوا آخر الحقبة الاستعمارية وفترة الحكم البورقيبي وعرفوا جيّدا هذا التاريخ وقد كانت فرصة للتطرّق إلى دوافع اندلاع الكفاح المسلّح الذي جاء كنتيجة لتنكّر فرنسا لوعودها المتعلّقة بقبول الحوار مع قيادة الحركة الوطنية وإنجاز الإصلاحات المرجوّة وتحقيق الاستقلال المنشود. حيث أنّه ، وأمام تواصل رفض السلطات الفرنسية للحوار، قام الزعيم الحبيب بورقيبة آنذاك بتدويل القضية التونسية لكسب الأنصار في صفّ القوى التحرّرية والمناهضة للاستعمار ، فعاد من باريس ليكثّف اتصالاته بالقاعدة الشعبية في كامل أنحاء البلاد عبر الاجتماعات الجماهيرية والخطب الدعائية لمواصلة التعبئة الداخلية والتي انطلقت من مدينة المنستير يوم 08 جانفي 1952 حيث شهدت ساحة الاستقلال ( حاليا ) تجمّعا جماهيريا غفيرا ضمّ كافة القيادات والمناضلين بالجهة من بينهم الشاذلي قلالة ، سعيد المرشاوي ، عبد السلام تريمش ، أحمد الغندري ، مصطفى بن جنّات ، الشاذلي غديرة وغيرهم من المناضلين من كافة التنظيمات السياسية والنقابيّة والفكريّة والهيئات المهنيّة الوطنيّة ليلتحق بهم التلاميذ بمختلف المدارس والمؤسّسات التربوية الابتدائية والمعاهد الثانوية ومنخرطي جمعيات الكشافة التونسية والشبيبة المدرسية والشبيبة الدستورية في تحدّ فاق إرادة المستعمر الفرنسي مبرهنين على إصرارهم لبلوغ هدفهم وتحقيق الاستقلال ، لتتالى الاجتماعات والمظاهرات المطالبة بالاستقلال في مختلف المدن بكامل البلاد بتونس العاصمة ( 11 جانفي 1952) تلتها مظاهرات مدينة بنزرت ( 13 جانفي 1952) ثم بقية المدن بمختلف الولايات لينطلق المستعمر اثرها في استخدام القوّة وإطلاق النار على المتظاهرين وتوخي سياسة القمع والتنكيل حيث كان يوم 18 جانفي 1952 منعرجا هامّا دفع الحزب الحرّ الدستوري الجديد إلى تجنيد قواعده وإعطاء إشارة انطلاق النضال الوطني ضدّ المستعمر الفرنسي ورموزه بتكثيف النشاط الوطني المعادي لفرنسا، سواء بالنسبة للمدنيّين الذين أعلنوا حركة العصيان بكامل أنحاء البلاد عبر العمل السياسي السري، أو بانطلاق الكفاح المسلّح فكان تاريخا مفصليّا يكرّس الوعي الوطنيّ التونسي الذي أرسته أجيال من الوطنيين الصادقين الأحرار.
وقد كانت مناسبة أكّد من خلالها السيد الوالي على وجوب الاعتراف بالتضحيات الجليلة التي قدّمها هؤلاء الوطنيّون لهذا الوطن العزيز من باب الوعي بنداء الواجب وعدم المتاجرة بدمائهم وتوظيفها لأغراض غير بريئة بحثا عن تعويضات ومكافآت وامتيازات مبيّنا أنّ كل أفراد الشعب التونسي مدعوّون أكثر من أيّ وقت مضى إلى الالتزام الوطني والمبدئي والأخلاقي بضرورة الالتفاف حول تونس رغم عديد الإنجازات التي تحقّقت في إطار المسار التصحيحي الثوري المستجيب فعلا لإرادة الشعب والمكرس لسيادته والضامن لكرامته والوفي لدماء شهدائه ووصيتهم الخالدة.